"الحمد لله، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، آل سعود، رئيس مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي،
معالي السيد عبد الله أحمد بدوي، رئيس وزراء ماليزيا، رئيس القمة الإسلامية العاشرة،
أصحاب الجلالة والفخامة، والسمو والمعالي،
معالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي،
يطيب لي، في البداية، أن أتقدم لأخينا المبجل، خادم الحرمين الشريفين، بعبارات الشكر والامتنان على دعوته إيانا، للالتئام في هذه القمة الهامة، بمكة المكرمة، تجسيدا لما هو معهود فيه، من حكمة وتبصر، وإيمان بوجوب الالتفاف حول كلمة سواء، لبناء مستقبل أفضل لأمتنا، في ظل قيم التآخي والسلام والتضامن.
إن انعقاد هذه القمة، في ظروف استثنائية، يقتضي منا، مساءلة صريحة للذات، وتعبئة قدراتنا، والتحلي بروح التضامن الحقيقي، واعتماد رؤية واقعية وإرادة حازمة، للنهوض بأمتنا الإسلامية، ورفع التحديات الأمنية والتنموية والحضارية، التي تواجهها وفي مقدمتها التطرف والإرهاب.
لقد انخرط المغرب بقوة، مع غيره من دول العالم، في جبهة واحدة، لمكافحة الإرهاب، من منطلق موقف واضح ورافض لكل أشكاله، مهما كان مصدرها الآثم، وتبريراتها الضالة، المتعارضة مع تعاليم الإسلام السمحة، ومرتكزات خيارنا، المبني على الاعتدال، والتسامح والحوار البناء.
"وفي هذا السياق، نجدد دعمنا للمبادرة الوجيهة، لأخينا المبجل، خادم الحرمين الشريفين، بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، الذي يضرب عدة أقطار من العالم الإسلامي، ويستهدف بالرعب والدمار الإنسانية جمعاء.
وهو ما يحتم علينا العمل على تحقيق أعلى مستوى من التعاون والتنسيق فيما بيننا، لاقتلاعه من جذوره، وفق مقاربة شمولية، وضمن مشروع إصلاحي متكامل وطموح،لتحصين شبابنا وأجيالنا الصاعدة، من مخاطر الانحراف، وتطويق النزعات التجزيئية، والصراعات المذهبية، التي أصبحت تنخر وحدة وتماسك مجتمعاتنا، وتشوه صورة المسلمين، وتسيء لسماحة ديننا الحنيف.
ولكي يعطي هذا المشروع الإصلاحي ثماره، ينبغي أن يقوم على حقائق وثوابت عقيدتنا الوسطية، وعلى مناهج تربوية وإعلامية، قادرة على بناء شخصية، مؤمنة بفضائل التواصل والحوار، منفتحة على روح العصر.
كما أن نجاحه رهين بتفعيل مشاريع للتنمية البشرية المستدامة، لبلداننا الشقيقة. ولاسيما الإفريقية منها، التي ما فتئ المغرب يبذل ما في وسعه، من أجل إعطاء مضمون فعلي للتضامن معها. ويلح على مضاعفة الدعم الملموس لها. وذلك ضمن تعاون وثيق بين كافة الدول الأعضاء في منظمتنا مجددين في هذا السياق، تأييدنا للمبادرات والتصورات، الهادفة إلى تحديث هياكلها، وتطوير آلياتها، وترتيب أسبقياتها، لدعم العمل الإسلامي المشترك، ولتكون فاعلا دوليا قويا، للدفاع عن مكانة أمتنا،والإسهام الفعال في إخماد بؤر التوتر، المهددة للسلم والاستقرار، في مناطق متعددة من العالم. وخاصة في الشرق الأوسط".
"وفي هذا الصدد، نؤكد ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وإحياء عملية السلام، على أساس خارطة الطريق، ومبادرة السلام العربية، بما يكفل إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وكذا تحقيق انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي العربية المحتلة.
وبصفتنا رئيسا للجنة القدس، ما فتئنا نطالب المجتمع الدولي، بتحمل مسؤولياته الكاملة، في وقف انتهاك الأماكن المقدسة. واحترام الوضع القانوني لمدينة القدس الشريف، وهويتها التاريخية العريقة، كأرض للتعايش، بين الأديان السماوية وحضاراتها.
كما نؤكد حرص المملكة المغربية، على أن يتمكن العراق الشقيق، من تجاوز محنته العصيبة، عبر استكمال إصلاحاته المؤسسية، في نطاق سيادته، ووحدته الوطنية والترابية، وضمان الأمن والاستقرار، والقضاء على العصابات الإرهابية، التي تستهدف، يوميا، حياة الأبرياء.
أصحاب الجلالة والفخامة، والسمو والمعالي،
إننا لنستبشر خيرا بانعقاد قمتنا، في هذه المدينة المقدسة، التي جعلها الله حرما آمنا، ومحجا مباركا للمسلمين قاطبة، يتخلون فيه عن خلافاتهم، ويخلصون توجههم إلى خالقهم.
كما أننا واثقون من نجاح أعمالها، بفضل ما وفره لها، من كريم الرعاية، وأسباب التوفيق، أخونا الموقر، رئيسها، خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، رعاه الله، منوهين بغيرته الإسلامية الصادقة، ونهجه الإصلاحي الحكيم.
وختاما، نجدد التزام المغرب بالوقوف الدائم، مع كل التوجهات الهادفة، لدعم التضامن الإسلامي، وتعزيز وحدة الأمة، وجمع كلمتها، بتعاون صادق مع إخواننا الأعزاء، قادة الدول الإسلامية الشقيقة، بما يحقق نهضتها وتقدمها وعزتها.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".