"الحمد لله وحده والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه..
حضرات السيدات والسادة..
يطيب لنا أن نفتتح بخطابنا هذا فعاليات العرض الدولي الثامن للبناء حرصا من جلالتنا على تمتين روابط التواصل بيننا وبين أصحاب المهن والمهارات والهندسة في البناء والعمران وتقديرا منا لدورهم المشهود به في تخليد المظاهر العمرانية للحضارة المغربية العريقة وتكريما ورعاية منا لمشاريع الابداع والابتكار في هذا القطاع الحيوي الذي يحظى بمكانة الصدارة في ما نتوخاه لاقتصادنا الوطني من اقلاع قوي وانتاجية مرتفعة وتأهيل لرفع تحديات التنافسية والتنمية المستدامة وخدمة للتآزر الاجتماعي وضمان للعيش الكريم لرعايانا الاوفياء.
وان تنظيمكم لهذا العرض تحت شعار "الانتاجية في خدمة الشأن الاجتماعي" ليدل على وعيكم بأهمية المساهمة الوازنة لقطاعكم في كسب هذا الرهان. ونود أن نغتنم مناسبة التئامكم في هذا العرض الثامن لنجدد دعوتنا لكافة الفاعلين سواء منهم السلطات العمومية أو الهيآت المنتخبة أو المهنيين والحرفيين والمهندسين أن يعملوا على وتيرة انتاج سكن اجتماعي لائق في متناول الفئات المستضعفة حافظ لكرامتها متميز بجمالية الهندسة وسلامة البناء وأصالة المعمار. وبذلك تسهمون في الجهاد الاقتصادي والاجتماعي الذي نقود خوض كافة مكونات الامة له.
وادراكا من جلالتنا لاهمية الدور الذي يضطلع به البناء والانعاش العقاري وما يمثله كقيمة مضافة للاقتصاد الوطني وكقطاع منشط ومحرك لخدمات موازية ومهنية متخصصة تستقطب اليد العاملة وتحفز على ديمومة أوراش الشغل والانتاجية فقد حرصنا على أن يخصص صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية نصيبا مهما من تدخلاته وأنشطته لدعم برنامج السكن الاجتماعي وفتح مناطق صناعية لفائدة الصناع والحرفيين.
واننا في اطار مجهوداتنا الرامية لتحسين الجودة والانتاجية وجعل المواطن فخورا بصناعته الوطنية غير باحث عن غيرها في الاسواق المنافسة سنجعل باذن الله كل دعم في هذا المجال مشروطا بما يتم انتاجه من ابتكار وما يقدم من برامج تضامنية في مجال السكن الاجتماعي والخدمات المرتبطة به.
حضرات السيدات والسادة..
اننا من منطلق عزمنا على جعل هذا القطاع الحيوي قاطرة للمقاولات الصغرى والمتوسطة ونموذجا للعمل التعاوني والشراكة لنحث الفدراليات المهنية والجمعيات والهيئات المرتبطة به على توسيع نشاطها ليشمل المنعشين العقاريين الصغار النشطاء في انتاج السكن الاجتماعي والمتواجدين في مختلف قرى ومدن المملكة داعين اياها الى تأطيرهم وتكوينهم وايلائهم العناية والتشجيع الكفيلين باستقطابهم جميعا للانخراط في القطاع السكني المنظم وجعل انتاجهم متجانسا مع مواصفات العمارة المغربية الاصيلة ومعبرا عن تمايزها الجهوى الذي يظل مصدر إثراء وإلهام لخصائصها الوطنية.
ولئن كانت المقاولة المغربية العصرية والمنظمة تتحمل النصيب الاوفر في كسب رهان السكن الاجتماعي الضامن للجودة والمردودية فانه يقع على عاتقها أيضا مسوءولية تأهيل واستكمال تكوين شغيلة هذا القطاع سواء منهم المتعلمين أو الاقل تعليما قصد تمكينهم من حسن استعمال التقنيات الحديثة ومواكبة التقدم التكنولوجي.
ومن أجل تفعيل اسهام قطاع البناء في الاقلاع الاقتصادي فاننا ندعو الجميع الى مضاعفة المجهودات الرامية الى تطهير البيئة الادارية من السلبيات الموءثرة على جودة مواد البناء وسلامة السوق العقارية من جميع أشكال المضاربة والغش والتحايل تحفيزا لكل أوجه الاستثمار وصيانته بما يلائم المرحلة الراهنة من تشريعات وقوانين ناجعة بما فيها تبسيط المساطر واختصار الوقت وتأطير القطاع في مجال التعمير والتمويل وجعل المساعدات العمومية في خدمة الفئات المستضعفة المحددة ومراجعة الجبايات المحلية والوطنية بما يخدم الشأن الاجتماعي دون الاخلال بمصالح الدولة والمقاولة.
فاجعلوا رعاكم الله هذه التوجيهات نصب أعينكم لكسب رهان الجهاد الاقتصادي المنشود على مستوى قطاعكم لاسيما وان العملية التنموية المستدامة بنيان واحد متكامل اذا تداعى جانب فيه تهدد الاقتصاد كله بالتعثر والركود ما لم يباشر الاصلاح في أوانه.
ولا يفوتنا أن نتوجه في الختام بتشكراتنا الخالصة للمشاركين والعارضين من الدول الشقيقة والصديقة منوهين بمساهمتهم المتميزة ومشيدين بكل السيدات والسادة العارضين والمساهمين في انجاح هذا العرض وما يحققه من تطور محمود متواصل سائلين الله لكم المزيد من التوفيق والسداد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وحرر بالقصر الملكي العامر بالدار البيضاء في يوم الثلاثاء 26 رجب عام 1421 ه /24 أكتوبر سنة 2000 م".